التصوير الفوتوغرافي، الذي كان في يوم من الأيام شغفًا فقط، أصبح الآن مهنة بدوام كامل للكثيرين.
لمساعدة المحترفين على تحقيق أفضل تأثير، تم إدخال العديد من التقنيات الجديدة في هذا المجال. مع الكاميرات الحديثة والمعدات المتطورة، يمكن للمصورين الآن التقاط كل زاوية بإتقان تام.
واحدة من أحدث التقنيات، التي ارتقت بالتصوير الفوتوغرافي إلى آفاق جديدة، هي النطاق الديناميكي العالي أو التصوير بتقنية HDR.
في هذا البرنامج التعليمي، سنوضح لك ما معنى HDR في التصوير وكيف يمكن أن يؤثر على صورك، وأيضاً كيفية استخدامه لإنشاء صور ذات مظهر طبيعي.
ماذا نعني ب HDR في التصوير الفوتوغرافي ؟
HDR في التصوير هي اختصار ل “High Dynamic Range” ومعناها “النطاق الديناميكي العالي”.
النطاق الديناميكي هو في الأساس مجرد الفرق بين المناطق الفاتحة والظلال التي يمكنك التقاطها في الصورة.
إذا التقطت صورة مستخدماً تقنية HDR بمعنى نطاق ديناميكي عالي، كل ما في الصورة سيكون واضح حتى تلك المناطق التي بها ظلال سترى عناصرها واضحة في الصورة.
عندما ترغب بالتقاط مشهد يتضمن مثلاً الشمس الساطعة في السماء والكثير من الظلال في الأرض، الكاميرا لن تستطيع التقاط كل شيء واضح في الصورة، حيث ستكون السماء ساطعة جداً بسبب الشمس، وستكون الظلال سوداء ولا يمكن رؤية تفاصيلها.
لذلك، ابتكر المصورون طريقة لحل هذه المشكلة: تقنية HDR في التصوير. الهدف منه ببساطة هو التقاط التفاصيل في الأماكن الساطعة وفي نفس الوقت التقاط التفاصيل في الأماكن الداكنة أو الظلال.
النطاق الديناميكي في أعيننا !
النطاق الديناميكي في أعيننا عالِ جداً – ولهذا السبب يمكننا رؤية التفاصيل في الظلال وكذلك التفاصيل في الإبرازات في نفس الوقت.
على سبيل المثال، خذ لحظة وانظر إلى الغرفة من حولك. على الأرجح، سترى غرفتك مضاءة جيداً (سواء بسبب نافذة أو ضوء اصطناعي) وسترى أيضًا ظلالًا داكنة حيث لا يصل الضوء.
ومع ذلك، يمكن لأعيننا عمومًا رؤية النطاق الديناميكي بأكمله داخل الغرفة. بمعنى، يمكنك رؤية التفاصيل في الظلال وفي نفس الوقت يمكنك رؤية التفاصيل في الأماكن المضاءة (الإبرازات).
لكن عند التصوير بالكاميرا، الأمر مختلف، إذا كنت تحاول رؤية التفاصيل في مناطق الظل في غرفتك، فستقوم الكاميرا بزيادة سطوع الغرفة بالكامل أي كل شيء يصبح ساطع جداً وبهذا سترى التفاصيل في الظلال.
العكس صحيح، عند الخروج مثلاً، إذا كنت تريد التقاط التفاصيل في السحب والسماء الساطعة، فلن تتمكن الكاميرا من إظهار التفاصيل في الظلال الداكنة الموجودة في الأرض.
أنا متأكد من أنك قد مررت بتجربة محاولة التقاط صورة لصديق يقف أمام غروب الشمس الجميل. ستحصل عل صورة إما أن يكون صديقك لطيفًا ومشرقًا، والسماء خلفه بيضاء تمامًا أو ساطعة جداً، أو تبدو السماء رائعة وملونة وصديقك أسود.
كيف تعمل تقنية HDR في التصوير ؟
صورة بتقنية HDR هي في الحقيقة 3 صور (أو خمس أو سبع أو أكثر) تم التقاطها بمستويات سطوع أو تعريضات مختلفة ثم يتم دمجها في أحد برامج التعديل لإنشاء صورة واحدة أفضل.
مثلا ستلتقط صورة داكنة لمشهد ما وصورة أخرى ساطعة لنفس المشهد وأخرى متوسطة، ثم تقوم بدمجها في برنامج التعديل مثل Lightroom أو Photoshop لتحصل على صورة واحدة رائعة تحتوي على تفاصيل أكثر بكثير مما هو ممكن في صورة واحدة مع تعريض واحد.
تأتي بعض الكاميرات بتقنية HDR ما عليك سوى تنشيط وضع HDR والتقاط الصورة وستقوم الكاميرا بكل هذا العمل من أجلك لتحصل في النهاية على صورة واحدة جيدة جداً.
يعمل التصوير الفوتوغرافي بتقنية HDR بشكل أفضل عند تثبيت الكاميرا على الترايبود لكي لا تكون أي حركة وبالنهاية ستحصل على صور ليست كبعضها ولا يمكن دمجها في صورة واحدة.
متى يجب استخدام تقنية HDR في التصوير ؟
هناك عدد من المواقف التي يمكن أن يكون فيها التصوير الفوتوغرافي بتقنية HDR مفيدًا عند استخدامه جيدًا. بعض هذه المواقف تشمل التصوير الداخلي، والمناظر الطبيعية والمناظر الليلية والسماء الدرامية.
شروق الشمس وغروبها أيضاً يصنعان صور HDR مثالية.
في أغلب الأحيان، تبدو الصورة الملتقطة خلال الساعة الذهبية (الساعة الأولى بعد غروب الشمس والساعة الأخيرة قبل غروبها) لا تشبه ما تراه بعينيك. اعتمادًا على كيفية ضبط اعدادات التعريض الضوئي، يمكنك أن تجد ما يلي:
- السماء مشرقة وساطعة جدًا بينما المقدمة مظلمة تمامًا مع القليل من التفاصيل.
- مقدمة مكشوفة بشكل جيد، لكن السماء تبدو باهتة.
- السماء مثالية، لكن المقدمة سوداء تماماً.
استخدام تقنية HDR في التصوير سيحل لك هذه المشاكل.
شيء آخر، لا تستخدم تقنية HDR عند التصوير الفوتوغرافي لمشهد به أشياء متحركة مثل مشهد المدينة المزدحم لأنك ستحصل على صور ليست كبعضها، وستجد مشكلة كبيرة في مرحلة الدمج.
إعدادات الكاميرا للتصوير بتقنية HDR
فيما يلي قائمة مختصرة لإعدادات الكاميرا لالتقاط صور لدمجها في صورة HDR:
- اضبط الكاميرا لحفظ الصورة بتنسيق RAW؛ هناك العديد من الفوائد لتصوير RAW راجع مقالتي عن الفرق بين التصوير بصيغة RAW والتصوير بصيغة JPEG لمعرفة سبب وجوب التصوير بصيغة RAW.
- استخدم أقل قيمة ل ISO والتي غالبا تكون ISO100.
- اضبط فتحة العدسة (Aperture) ولا تُغيرها؛ إذا قمت بتغيير فتحة العدسة في كل مرة تلتقط صورة ستحصل على صور مختلفة من حيث عمق المجال بمعنى، قد تحصل على صورة بعمق مجال ضيق أي الخلفية في الصورة ستكون ضبابية، وصورة أخرى بعمق مجال عميق أي الخلفية واضحة وبهذا لا يمكنك دمج هذه الصور لاحقاً.
- اضبط سرعة الغالق (Shutter Speed) في كل صورة لتحصل على صور بتعريضات مختلفة؛ اضبط سرعة الغالق على قيمة لتحصل على صورة بسطوع متوسط. التقط الصورة الأولى. اضبطه مرة أخرى ليعطيك صورة ساطعة حيث تظهر كل تفاصيل الأماكن السوداء في المشهد ثم التقط الصورة الثانية. أعد ضبطه ولكن هذه المرة ليعطيك صورة مظلمة قليلاً لكي ترى تفصيل الأماكن الساطعة ثم التقط الصورة الثالثة.
- اضبط التركيز يدوياً؛ عندما تضبط التركيز على الوضع الأوتوماتيكي سيقفز في كل مرة تلتقط صورة، بمعنى قد تركز الكاميرا على شجرة مثلاً في المشهد، وفي الصورة الثانية قد يقفز التركيز إلى جبل وهكذا. عند ضبط التركيز يدوياً سيبقى في مكانه. كل المعلومات عن التركيز أو ما يسمى الفوكس في التصوير تجدونها في هذا الرابط.
ها أنت ذا تملك الصور، لا يزال عليك فقط دمجها في Lightroom أو في Photoshop.
شيء مهم، في الأعلى أعطيت مثال بثلاث صور فقط يمكنك التقاط ما شئت من الصور التي ستضمن لك الحصول على صورة بتقنية HDR مذهلة.
يعتمد عدد الصور التي تحتاج إلى التقاطها بشكل كبير على المشهد الخاص بك، والمعدات، والموضوع، ومهارات تقييم الضوء، وأسلوب التحرير. ما يهم هو التقاط جميع التفاصيل من أحلك النقاط إلى ألمعها في صورتك، بالإضافة إلى كل شيء بينهما.
التقط عدة صور باستخدام ميزة Exposure Bracketing في الكاميرا
عندما تلتقط سلسلة من الصور التي سيتم تجميعها لاحقًا في صورة HDR نهائية، فأنت في الواقع تلتقط يدوياً ما يشار إليه بمجموعة من التعريضات الضوئية المختلفة.
يمكنك تبسيط هذا الأمر من خلال الاستفادة من ميزة Exposure Bracketing في الكاميرا. حيث ستقوم الكاميرا بمهمة التقاط تعريضات مختلفة في الصور أنت لا تفعل شيء.
يكمن جمال ميزة Exposure Bracketing في أنه يمكنك تكوين الإعدادات باستخدام الكاميرا، ثم التقاط مجموعة كاملة من التعريضات لصورة HDR بضغطة واحدة فقط على زر التصوير. هذا النهج يجعل من السهل بشكل ملحوظ دمج HDR في تصوير المناظر الطبيعية الخاصة بك.
ابحث عن الزر المسمى AEB (Automatic Exposure Bracketing) أو BKT في الجزء الخلفي من الكاميرا، أو ابحث عنه في قائمة الكاميرا (Menu). تقدم معظم الكاميرات أقواسًا ذات تعريض ضوئي تلقائي بثلاث صور، على الرغم من أن بعض الطرز تسمح بأقواس من خمس صور وحتى سبع صور.
استخدم وظيفة تصحيح الكاميرا الخاصة بك وقم بالتصوير بخطوتين EV إذا كنت تقوم بعمل ثلاثة أقواس، أو خطوة 1 EV إذا كنت تقوم بعمل خمسة أقواس. على سبيل المثال: -2 ، -1 ، 0 ، +1 ، +2 تعمل بشكل رائع في معظم المواقف.
دمج الصور في أحد برامج التعديل
برنامج Lightroom و Photoshop
Lightroom و Photoshop لهما وضع دمج الصور. يتيح لك القيام بذلك دمج صور مختلفة في صورة HDR واحدة.
هذا الفيديو التعليمي يوضح لك كيفية دمج الصور في صورة HDR واحدة باستخدام برنامج Photoshop:
Photomatix/Photomatix Pro
Photomatix هو البرنامج الأول الشائع في عالم HDR. يمكنك إعادة استيراد الصور من Lightroom تلقائيًا.
يحتوي على العديد من الخيارات والإعدادات المسبقة. يمكنك اختيار طرق مختلفة لإنشاء HDR. تتضمن بعض الأدوات التي يمكنك استخدامها مُحسِّن التفاصيل (Detail enhancer) وتعيين النغمة (Tone mapping) والمزيد.
يأتي برنامج Photomatix Pro مع مكون إضافي لـ Lightroom يسمى “Merge 32 bit”. تنشئ هذه الميزة صورة HDR أساسية 32 بت يمكنك تحريرها في Lightroom.
هذا الفيديو التعليمي يوضح لك كيفية دمج الصور في صورة HDR واحدة باستخدام برنامج Photomatic Pro:
تطبيقات الهاتف للتصوير بتقنية HDR
تحتوي العديد من كاميرات الهاتف على وظيفة HDR في تطبيق الكاميرا الافتراضي. ولكن يمكنك أيضًا تجربة تطبيقات مخصصة مثل True HDR و Pro HDR X.
وضع HDR الموجود في الكاميرات
نظرًا لأن الكاميرات أصبحت أكثر تقدمًا، فإن معظم الشركات المصنعة تقوم الآن بتثبيت وضع HDR التلقائي في أنظمتها.
باستخدام هذا الوضع ستحصل على صورة HDR بتفاصيل رائعة، الفرق الوحيد هو أن كل شيء يتم في الكاميرا.
طريقة عمل وضع HDR الأوتوماتيكي بسيطة جدًا. ستلتقط الكاميرا سلسلة من الصور بتعريضات مختلفة ثم تدمجها تلقائيًا في صورة HDR. وتتخلص من السلسلة الأصلية. يعني كل ما تحصل عليه هو الصورة HDR النهائية.
ونظرًا لأن الكاميرا تلتقط مجموعة سريعة من اللقطات، فإنك لن تحتاج إلى الترايبود لأنها تقلل من الاختلافات في المحاذاة بين اللقطات – رغم ذلك من الأفضل استخدامه إذا كان لديك واحد في متناول اليد لضمان دقة أفضل.
للتحكم الكامل في الإبداع، سيظل المحترفون يرغبون في تصوير مجموعة من صور RAW ودمجها يدويًا للحصول على صورة HDR بكل التفاصيل. ولكن بالنسبة للجدد في استخدام تقنية HDR، يعد وضع HDR التلقائي طريقة رائعة للبدء.
مشكلات تقنية HDR في التصوير الشائعة
تسطيح الصورة
تحتوي صورة HDR على كمية هائلة من البيانات التي يمكن استخراجها، ويمكن تفتيح المناطق المظلمة كثيرًا للكشف عن أصغر التفاصيل. لكن هذا لا يعني أنه يجب عليك القيام بذلك.
غالبًا ما يكون تسطيح الصورة عن طريق تقليل التباين بين المناطق الأصلية الساطعة والمظلمة ممارسة سيئة. يجعل الصورة تبدو أقل طبيعية ويصعب فهمها وليست جذابة حقًا.
سحب سوداء
هناك خطأ شائع آخر في HDR في تصوير المناظر الطبيعية وهو السماح للسحب بالتحول إلى اللون الأسود.
بالتأكيد، الغيوم السوداء حقيقية في الأحوال الجوية السيئة، لكن الغيوم المنتفخة المنتشرة في السماء الزرقاء تكون بيضاء في الغالب. يجب عليك الاحتفاظ بها على هذا النحو في صورة HDR الخاصة بك.
الهالات
الهالات الموجودة حول الحواف شديدة التباين هي أول مؤشر على أنك قمت بمعالجة صورتك بشكل مفرط من خلال تعزيز التباين والوضوح أكثر من اللازم. هذه الهالات نموذجية للعديد من صور HDR المنشورة على الإنترنت وهي ببساطة هراء.
إذا واجهت إحدى هذه المشاكل فإما قلل عدد الصور التي تدمجها أو أعد تعديل الصورة النهائية في برنامج التعديل.
تقنية HDR في التصوير – خاتمة
يجب أن تتعلم استخدام HDR لأنك ستجده مفيدًا في المواقف التي تحتاج فيها فقط إلى تفاصيل أكبر. فقط تذكر أنك لست بحاجة إلى إنشاء صور HDR غير واقعية. بدلاً من ذلك، استخدم نصائحنا لمساعدتك في الحصول على نتائج طبيعية.
قبل كل شيء، تذكر أن هذه النصائح ليست أكثر من إرشادات فضفاضة. بطبيعة الحال إنها نصائح جيدة، ولكن لا تدع نصائحنا تعيق دوافعك الفنية. جرب والعب كثيرًا، وستبدأ في الشعور بذلك بنفسك.