كونك مصور محترف، لا يقتصر فقط على معدات التصوير التي تمتلكها، أو عدد المحاضرات التي حضرتها، بل يعتمد أيضا على التأثيرات التي صنعتها في صورك، والتي تتضمن الإضاءة وكيفية تكوين الصورة.
حتى لو كنت تملك أغلى وأحدث التقنيات، فلن تكون صورك أكثر من لقطات إذا كنت لا تعرف أساسيات تكوين الصورة. بدلاً من ذلك، يمكنك التصوير بهاتف ذكي عمره عشر سنوات، وتصنع أعمالًا فنية مذهلة بتكوين جيد. بمعنى آخر، التكوين هو الذي يصنع الصورة. ولكن ما هي القواعد التي يجب اتباعها للحصول على التكوين الجيد في الصور؟
قد يبدو الأمر غريبا، لكن القاعدة الوحيدة في التصوير، هي أنه لا توجد قواعد. ومع ذلك، يوجد عدد من إرشادات التكوين المعمول بها، التي سنتحدث عنها في هذا المقال، والتي يمكن تطبيقها في أي موقف تقريبًا لتعزيز تأثير المشهد.
ستساعدك هذه الإرشادات على التقاط صور فوتوغرافية أكثر إقناعًا، وإضفاء توازن طبيعي عليها، ولفت الانتباه إلى الأجزاء المهمة من المشهد، أو توجيه عين المشاهد عبر الصورة.
لذلك، في نهاية هذا المقال التعليمي، ستتعرف على تقنيات التركيب المستخدمة في الأعمال الفنية العظيمة، وستكون قادرًا على إنشاء صور أفضل!
ما معنى تكوين الصورة في التصوير الفوتوغرافي؟
عندما التقاط صورة فوتوغرافية، يجب اتخاد نوع من القرارات بشأن العناصر التي تريد ضمها للصورة، والأهم من ذلك كيفية ترتيب هذه العناصر في صورتك.
من السهل جدا تعريف كلمة تكوين، لكن قد يكون من الصعب تطبيقها بنجاح، لأنها أكثر من مجرد ترتيب للأشياء في صورك، بل هو ما يجلب معنى للصور الملتقطة، فتكوين صورتك يمكن أن يحكي قصة، كما يمكن أن يربط عدة أشياء معا ليست لهم أية صلة، فالهدف النهائي من تكوين ناجح هو رفع معنى الصورة.
لننتقل الآن إلى المبادئ الأساسية التي يجب اتباعها للحصول على التكوين الصحيح.
القواعد الأساسية لتكوين الصور في التصوير الفوتوغرافي
التصور المسبق
بمعنى تخيل الصورة في عقلك قبل الضغط على زر التصوير، عندما ترغب في التقاط صورة لمشهد ما، يجب أن تتخيل أولا كيف ستبدو هذه الصورة في النهاية، وكيف ستعبر عن الشعور الذي تريد نقله للمشاهد. هل مثلا ستساعد الألوان في المشهد على نقل فكرتك، أم سيتم التعبير عن المفهوم بشكل أفضل بظل رمادي؟ هل المشهد يتطلب الحدة والوضوح، أم بعض الغموض سيخلق شعور أفضل؟ وغير ذلك.
البساطة
تعتبر البساطة من أفضل الطرق لتحسين صورك، فإذا كنت مبتدئ فمن المستحسن البحث عن أبسط المشاهد الممكنة لتصويرها، هذا لا يعني أنه يجب تجنب المشاهد المعقدة أو الفوضوية، لكنها تحتاج إلى بدل الكثير من الجهد في التصوير. فقد تكون شاهدت الكثير من الصور الرائعة للغابات والمناظر الطبيعية المزدحمة، على الرغم من تعقيدها كما هو مبين في الصورة أسفله.
هذا يعتمد على الممارسة، فكلما التقطت صورا كثيرة كلما أصبح من السهل تصوير هذه المشاهد، لكن كمبتدئ، يجب التركيز فقط على تصوير المشاهد البسيطة.
بالرجوع إلى التكوين في التصوير الفوتوغرافي، تعد البساطة من الأساسيات، فعندما أجد مشهدا ما يثير انتباهي، أبحث عما يمكنني حذفه في هذا المشهد لجعل الصورة تبدو أقوى، فمثلا لإنشاء صورة كئيبة، استبعد الزهور المبهجة.
بعبارة أخرى، تتمثل البساطة في توضيح رسالتك عن طريق استبعاد التفاصيل التي لا تعبر عن ما تريد نقله للمشاهد عبر صورتك.
التوازن البصري
من أهم القرارات التي يجب اتخادها عند القيام بالتصوير، هو ما إذا كنت تريد موازنة أو عدم موازنة صورتك، بمعنى آخر هل ستميل الصورة إلى اليمين أو اليسار لتخلق شعورا بالتوتر، أو سيكون لها توازن متساوي لتبدو أكثر ثباتا وأكثر تناغما.
تختلف الآراء في هذه النقطة فبعض المصورين يفضلون الصورة الغير متوازنة أو المتوترة، لأنها تنقل الفكرة بشكل أكثر فعالية، بينما آخرون يُفضلون الصورة المتوازنة هي الأكثر إرضاءاً.
كخلاصة:
- الصور المتوازنة سليمة، ثابتة وهادئة.
- الصور غير المتوازنة درامية، متوترة وديناميكية.
إعطاء عناصر الصورة مساحة التنفس
عندما تقوم بالتصوير، عليك ترك مساحة من التنفس بين عناصر صورتك، حتى لا تنتج بعض التشويش على مستوى الصورة، وتضيع الرسالة التي ترغب بنقلها.
فمثلا، إذا كنت تقوم بتصوير جبل، عليك البحث عن زاوية تصوير جيدة، تسمح بظهور الجبل والشجرة معا في الصورة، وليس جزء من الجبل مغطى من طرف الشجرة.
لصنع التأثير المراد نقله للمشاهد، أحيانا يكون المصور قادرا على تحريك المكونات للحصول على تركيبة أفضل، وفي أحيانا أخرى يجب عليه أن ينتقل إلى وضع يوفر له أفضل تكوين.
إعطاء الأهمية لجوانب الصورة:
جوانب أو حواف الصورة لا تقل أهمية عن المركز، في بعض المشاهد قد تكون أكثر أهمية من المركز، فتشتيت بسيط بالقرب من حافة الإطار، له تأثير أكبر بكثير من نفس التشتيت بالقرب من المركز.
الاستمرار في التحرك
التقاط الصور الفوتوغرافية الجيدة تحتاج إلى التحرك، المشي أو الركض إن دعت الضرورة، وذلك لتجربة زوايا مختلفة وللحصول على تكوين مناسب، وإضاءة جيدة وغير ذلك.
فالمصور يميل أحيانا إلى الاندفاع مع تغير الضوء، القفز من نقطة إلى أخرى لتحقيق هدفه، لكن هناك بعض الاستثناءات فمثلا تصوير الحياة البرية، وترتيب مشهد استوديو، أو تصوير الماكرو، في هذه الحالات قد لا تتحرك كثيرا لكن، بالتأكيد يحتاج أيضا هذا النوع من التصوير الكثير من الجهد.
قاعدة الاثلاث
قاعدة الأثلاث من المبادئ الأساسية التي غالبا ما تستخدم عالميا في تكوين الصورة، والسبب في ذلك؛ لأن استخدامه بسيط جدا، ويحدث فرقا كبيرا في شكل الصورة النهائي.
تشير قاعدة الاثلاث إلى تقسيم صورتك إلى ثلاثة أقسام أُفقية، وثلاثة أقسام عمودية، مما يعني يجب أن يكون لديك خطان من الأعلى إلى الأسفل، وخطان من اليسار لليمين، كما هو مبين في هذا الشكل:
تنص هذه القاعدة، على أنه إذا قمت بوضع الموضوع الرئيسي لصورتك في الأقسام العلوية أو السفلية، أو اليسرى أو اليمنى من الشبكة، فسوف تلتقط صورة مثالية.
أو يمكنك وضع العناصر المهمة في المشهد الخاص بك على طول تلك الخطوط، أو في النقاط التي تلتقي فيها.
من اخترع قاعدة الأثلاث ؟ صدق أو لا تصدق ، تم الحديث عنها لأول مرة في عام 1797 بالطبع، لم يكن الأمر يتعلق بالتصوير، ولكن بالرسم – كانت المبادئ هي نفسها، في ذلك الوقت، كان الناس يناقشون التوازن بين الألوان الدافئة والباردة، ومقدار اللوحة التي يجب أن يشغلها كل عنصر، قالوا إن الثلث السفلي يجب أن يتكون من الأرض والماء، والثلثان الآخران يجب أن يبقى للهواء والسماء، من هنا جاءت فكرة الاسم.
في هذه الصورة، الثلث السفلي للأرض، و الثلثين المتبقيين للسماء، و الأهم من ذلك الشجرة و التي تعتبر الموضوع الرئيسي للصورة، تقع على أحد الخطوط، بينما الشجرة الثانية في الخلفية تقع بالقرب نقطة تقاطع الخطوط. هذا معناه أن قاعدة الأثلاث طُبقت على هذه الصورة بنجاح.
ليس بالضرورة اتباع نفس منهجية هذه الصورة، ولكن يجب اتباع ما تنص عليه القاعدة بصفة عامة للحصول على تكوين جيد لصورتك.
عند تصوير شخص ما ، ضع العين الأقرب للكاميرا على إحدى النقاط المتقاطعة.
توجد العديد من الأمثلة عن استخدام هذه القاعدة، سنتطرق إليها في مقال آخر.
الاستفادة من الخطوط والاشكال الرائدة
من العناصر الفنية التي ترسمها أعيننا بشكل طبيعي هي الخطوط والأشكال، يمكنك استخدام هذا لصالحك، وذلك من خلال قيادة عيون المشاهد عن طريق الأشكال.
تعد الطرق والجسور وحتى الممرات جيدة لهذا النوع من التكوين، لأنها تحتوي على خطوط تصبح ضيقة نحو الطرف البعيد، تقود عين المشاهد إلى الأماكن الرئيسية في الصورة، مثل خطوط المباني التي تقود للسماء، أو ممر يقود لشخص يقف عند نهايته… وغير ذلك.
أثناء ممارسة هذه التقنية، ستجد أن العديد من الأشكال والخطوط موجودة حولك، ستجد غالبا أشكال تقليدية ومحددة بوضوح، مثل النوافذ والأبواب، ويمكنك أيضا العثور على أشكال مركبة.
لا تتردد في التحرك وتغيير الإطار، للعثور على هذه الاشكال والخطوط المثيرة للاهتمام.
التكرار
يؤدي التكرار في تكوين التصوير الفوتوغرافي، إلى توجيه عين المشاهد إلى موضوعك بالطريقة نفسها التي تعمل بها الخطوط الرئيسية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة، لذلك ستجد نفسك غالبًا تجمع بين هاتين التقنيتين عند إنشاء صورة.
في هذه الصورة، للفت الانتباه للموضوع الرئيسي الذي هو انعكاس أشعة الشمس على الزجاج، استُعمِلت قاعدة التكرار.
يمكن تكرار اللون أو الشكل أو أجزاء من الأشياء، أو حتى الكائنات الكاملة لتكوين قوي.
املأ الإطار
يشير الإطار إلى جوانب الصورة أو حواف عدسة الكاميرا، عند التصوير لملء الإطار، يجب الاقتراب من الهدف، إما عن طريق التحرك اتجاهه، أو تقريبه بواسطة عدسة الكاميرا.
يتيح لك ملء الإطار التركيز على موضوعك، مثل تعبيرات الوجه وبعض التفاصيل التي قد لا تكون ملحوظة.
يعمل الاقتصاص أثناء تعديل الصورة لاحقا أيضا على جعل صورتك تبدو وكأنها لقطة قريبة، ولكن ضع في اعتبارك أنك تخاطر بخفض دقة وجودة الصورة بشكل ملحوظ.
إطار داخل إطار
المعنى المبسط لإطار داخل إطار، هو عند استخدام عنصر في الصورة لتأطير الموضوع الرئيسي، والهدف من ذلك هو قيادة عين المشاهد نحو هذا الموضوع.
والإطار في هذه الحالة لا يقتصر فقط على الأبواب و النوافذ، بل أي شيء تريده؛ كهف، أوراق الشجر، يديك… الخ.
عدم قطع الأطراف
تأكد من عدم قطع أي جزء من الشخص/الحيوان الذي تقوم بتصويره، لن يؤدي قطع ذيل قطتك أو أذن الكلب أو جزء من رأس الفتاة إلى إفساد الصورة فحسب، بل قد يؤدي إلى إبعاد الإنتباه عما يجب أن ينظر إليه المشاهد.
بالطبع هناك أوقات يمكن تجاهل هذه القاعدة، و لكن في معظم الأحيان انتبه إليها.
البحث عن التماثل
يوجد التماثل في كل مكان، ومعظم الأجسام التي من صنع الإنسان متماثلة أيضًا. السيارات، الطائرات، القوارب، السفن، المنازل، المباني والعديد من المنتجات التي نستخدمها كل يوم لها تناسق. لماذا ا؟ لأن دماغ الإنسان مرتبط بشكل كبير بالتماثل، نحن نربطه بشكل وثيق مع الجمال.
جعل الخلفية بسيطة
سيكون هناك أوقات لا حصر لها حيث تريد عزل هدفك والتخلص من الخلفية، خاصة إذا كانت صاخبة، وتشتت الانتباه عن الهدف.
التقنية الأكثر شيوعا هيا ضبابية الخلفية كما هو موضح في الصورة أسفل:
إذا كنت من عشاق الخلفية الضبابية، يمكنك زيارة مقالنا الذي يتحدث عن فتحة العدسة و علاقتها بعمق المجال، حيث ستجد الطريقة الصحيحة لتصوير هدفك بخلفية ضبابية. لنرجع الآن إلى تكوين الصورة.
ضبابية الصورة ليست الطريقة الوحيدة لعزل هدفك وجعل الخلفية بسيطة، ضع في اعتبارك أشياء مثل سماء صافية، أو يوم رمادي، أو ربما نمط متكرر مثل جدار من الطوب، أو مساحة مفتوحة وغير ذلك.
نقطة اهتمام واحدة
تعد هذه التقنية من أبسط أشكال التكوين في التصوير الفوتوغرافي، يمكن لعنصر واحد إضافة الاهتمام لصورة مملة، عادة ما يكون هذا العنصر صغير ، أو متناقض مع بقية الصورة، يمكنك اختيار وضعه في المنتصف، أو على جانب الإطار كما في الصورة أسفله.
إذا اتبعت قاعدة الأثلاث عند وضع نقطتك في الإطار، فستكون الصورة أكثر ديناميكية. كما في الصورة أعلى حيث وضع الطائر في أحد نقط تقاطع الخطوط.
العمق
نظرًا لأن التصوير هو وسيط ثنائي الأبعاد، يتعين علينا اختيار تركيبتك بعناية لنقل الإحساس بالعمق الذي كان موجودًا في المشهد الفعلي، يمكنك إنشاء عمق في الصورة عن طريق تضمين كائنات في المقدمة والأرض الوسطى والخلفية، كما هو مبين في هذه الصورة، حيث الصخور في المقدمة و البحر في الوسط، بينما الشمس في الخلفية:
هناك تقنية أخرى مفيدة في التركيب وهي التداخل، حيث تقوم بإخفاء عنصر بآخر بشكل جزئي، تتعرف العين البشرية بشكل طبيعي على هذه الطبقات وتفصل بينها ذهنيًا، مما يخلق صورة ذات عمق أكبر.
ترك مساحة فارغة حول موضوعك
ترك مساحة فارغة حول موضوعك، تجعل عين المشاهد تركز على الموضوع فقط.
موازنة عناصر الصورة
عندما يكون لديك موضوع قوي في المقدمة، فمن المفيد أن يكون لديك موضوع أصغر في الخلفية لموازنة عنصر المقدمة. كما هو موضح في هذه الصورة التي استُعمل فيها برج باريس في الخلفية، لموازنة العروسين في المقدمة.
عندما توازن بين العناصر في صورة ما، فإنك تخلق اهتمامًا للمشاهد.
قد يبدو أن هذا يتناقض مع نصيحتي السابقة المتعلقة بتكوين التصوير الفوتوغرافي بشأن ترك مساحة فارغة حول موضوعك، ولكن هذه هي ميزة معرفة العديد من قواعد التركيب. لتجرب العديد منها، لتختار أيها يناسب مشهدك.
الأمر متروك لك، بصفتك المصور، للحكم على قاعدة التركيب التي ستعمل بشكل أفضل مع صورتك.
- المثلثات
نظرًا لأن المثلثات تخلق توترًا ديناميكيًا داخل الصورة، فإنها تجعل التركيب مثيرًا للاهتمام. لقد اعتدنا على استقرار الخطوط الرأسية والأفقية. تشبه الخطوط القطرية للمثلثات سهمًا كبيرًا يقود العين.
بالطبع هذا لا يعني أنه عليك الركض بحثًا عن كائنات ثلاثية الشكل لتصويرها لتطبيق نصيحة تكوين التصوير هذه. يمكن أيضًا تضمين المثلثات عن طريق اختيار الزاوية المناسبة للتصوير.
كسر قواعد تكوين الصورة
قواعد أو تقنيات التكوين ليست سوى إرشادات ونقاط انطلاق، في بعض الأحيان قد ترغب في الخروج من القالب التقليدي، وتجربة شيء مختلف، في هذه الحالة يمكنك ببساطة كسر القواعد.
لا تدع قواعد التكوين تجعلك تشعر بأنك محاصر في صندوق لا يمكنك الخروج منه. لأن المصور أو الفنان بصفة عامة، يعني امتلاك حرية إنشاء أي شيء يريده. لذا كن مبدعاً، وادفع نفسك لإنشاء أشياء جديدة.
شكرا جزيلا الموضوع جدا مثري وممتع 💛🤍
ابدعت
بوركتم